حلب مدينة تقع في شمال سوريا وهي أكبر مدينة سورية وعاصمة محافظة حلب أكبر محافظات سوريا من حيث عدد السكان. تعد حلب إحدى أقدم المدن المأهولة في العالم حيث أنها مأهولة منذ ما لا يقل عن أربعة آلاف عام. كانت حلب قبل حوالي أربعة آلاف عام عاصمة لمملكة يمحد الأمورية، وتعاقبت عليها بعد ذلك الحضارات الحثية والآرامية والآشورية والفارسية والهيلينية والرومانية والبيزنطية والإسلامية. في العصر العباسي برزت حلب كعاصمة للدولة الحمدانية. وفي العصر العثماني تنامت أهمية حلب حتى صارت ثالث أهم مدينة في الإمبراطورية العثمانية بعد الأستانة والقاهرة.

 

  تشتهر حلب بأوابدها التاريخية الكثيرة مثل قلعتها الشهيرة وأبوابها وأسواقها من أعرق أسواق الشرق وبكنائسها ومساجدها ومدارس العلم وبصناعاتها الشهيرة منذ زمن بعيد وبما تمتلكه من تراث عريق في كافة المجالات العلمية والفنية والأدبية والثقافية. نظرًا للأهمية التاريخية والعمرانية التي تتمتع بها مدينة حلب فقد اعتبرتها منظمة اليونسكو مدينة تاريخية هامة لاحتوائها على تراثٍ إنساني عظيم يجب حمايته خاصة وأن فيها أكثر من 150 أثرًا هامًا تمثل مختلف الحضارات الإنسانية والعصور. وفي العام 1986 سجلت مدينة حلب القديمة بالسجلات الأثرية ووضعت إشارة على صحائفها العقارية تثبيتًا لعدم جواز هدمها أو تغيير معالمها أو مواصفاتها حتى من قبل بلديتها إلا بعد أخذ موافقة الجهات الأثرية العالمية وسجلت على لائحة التراث العالمي

 وقد أدرجت اليونسكو مدينة حلب على لائحة مواقع التراث العالمي وتجتمع فوق أرضها أهم الشواهد المعمارية الخالدة عبر التاريخ ولحضارات كثيرة متنوعة، وتتنوع الآثار في مدينة حلب منذ عصور ماقبل الميلاد إلى العصور الإسلامية ،ولحلب دور حضاري متميز في كافة العصور والحضارات التي قامت في شمال سوريا وبلاد ما بين النهرين منذ الألف الثالث قبل الميلاد في حضارات مثل الأكادية والحيثية والآرامية والأمورية واليونانية والرومانية.

 

  أبواب حلب القديمة: لا يمكن اعتبار أبواب حلب إلا جزءاً أساسياً ومهماً من السور نفسه و من أشهر هذه  الأبواب:

             - باب الحديد

             - باب أنطاكية

             - باب النصر

             - باب قنسرين

             - باب النيرب

             - باب الأربعين

أهم المواقع التي يمكن زيارتها في حلب:

الجامع الأموي الكبير في حلب : 

هو أحد أكبر جوامع المدينة، وأحد المعالم الإسلامية التاريخية فيها, أنشئ هذا الجامع في العصر الأموي في مدينة حلب التي تعتبر أقدم مدينة في التاريخ. يطلق عليه البعض اسم جامع زكريا بسبب دفن قطعة من جسد نبي الله زكريا في الجامع. يقوم الجامع اليوم على مساحة من الأرض يبلغ طولها 105 أمتار من الشرق إلى الغرب، ويبلغ عرضه نحو 77.75 متر من الجنوب إلى الشمال وهو يشبه إلى حد كبير في مخططه وطرازه جامع دمشق.

  أقسام الجامع الأموي:

1- الأبواب: - الباب الشمالي, يقع إلى جوار المئذنة.

                 الباب الغربي, ينفذ إلى شارع المساميرية

                 الباب الشرقي, وينفذ إلى سوق المناديل.

                 الباب الجنوبي, ينفذ إلى سوق النحاسين.

2- الصحن: صحن واسع محاط بأروقة ثلاثة، وحرم في الجهة القبلية والصحن مغطى ببلاط رخامي بلونين أصفر وأسود وبتشكيلات هندسية ما زالت تميز هذا الصحن، وتعود إلى العصر العثماني وقد جددت مؤخراً. وتنفتح على الصحن عقود عشرة من الجانبين وستة عشر عقداً في الشمال ومثلها في الجنوب،

 

3- المئذنة: وهي ليست المئذنة الأساسية بل مئذنة جديدة بنيت على مراحل منذ عهد الأمير سابق بن محمود بن مرداس عام 472 هـ

 

4- بيت الصلاة

5- المنبر

6- المحاريب

7- حجرة الخطيب

8- الحجرة النبوية

9- الحجازية: حجرة خاصة بالنساء لاداء الصلاة, وسميت بالحجازية لأنها كانت منزل أهل الحجاز

 

       المدارس القديمة :

  1-المدرسة الشاذبختية: وتعرف باسم مسجد الشيخ معروف ويقع في الطرف الجنوبي من سوق الزرب ( سوق النشابين ) , و الشاذبختية هي مدرسة وتربة ينتهي بابها بنصف كرة و مقرنصات بديعة , وبالداخل غرفة مربعة كان يتقدمها أقواس تهدمت في الوجه الغربي للباحة الداخلية وتعلو القبلية قبة تضم محراباً رائعاً أيوبي الطراز من المرمر وفيه عمودان ينتهيان بتيجان جميلة .

 

   2- المدرسة الشعبانية: واقفها شعبان آغا بن أحمد وكان محصلاً للأموال الأميرية ( تقع بالقرب من شارع السجن حالياً) , وهي مدرسة كبيرة ذات باحة واسعة يتوسطها حوض مربع أحاطت به حديقة جميلة , قام في غرب الباحة رواقان ضخمان اِزدانَ سقفهما بالقباب , يضم الرواق (27) حجرة لإقامة العلم وفي الجهة الشمالية قامت دار لتدريس الشرعي والى جنوب الباحة توجد القبلية , ومن المشايخ الذين درسوا فيها محمد شهيد الترمانيني , محمد الزرقا , أحمد الزويتيني .

 

  3- المدرسة الطرنطائية: وتقع شرقي خندق الروم في باب النيرب , وتنسب هذه المدرسة إلى الأمير سيف الدين طرنطاي بن عبد الله , وقد أنشأ المدرسة عفيف الدين بن محمد شمس الدين سنة (1383) م واتخذها الشيخ محي الدين البادنجكي وخلفاؤه من بعده زاوية لهم , ويذكر أن المدرسة الطرنطائية هي نفسها المدرسة الكمالية العديمية التي شرع ببنائها مؤرخ حلب ابن العديم سنة (1241) وأنجزها سنة(1251) , وقد تم تجديدها اثر تدمير هولاكو مدينة حلب عام (1260) م ,وكانت المدرسة عامرة وكأنها حصن يتألف من طابقين في شرقيها (40) حجرة عليا و سفلى وفي جنوبها قبلية وفي شمالها إيوان واسع تم إغلاقه بجدار وكان في وسط صحنها حوض تحت الأرض تصله المياه من القناة وقامت مئذنة صغيرة فوق زاوية البناء الشمالية الشرقية وفي الجهة الغربية رواق يتقدمه أعمدة رشيقة وعالية , أما شمال المدخل من الخارج فهناك حجرة تضم ضريحاً على رأسه خوذه حديد مغطاة بشاش أخضر يقال أن المدفون فيها الشيخ ويس أبو طاسة , ويقال بأنه كان يحب الجهاد وكان دائماً بخوذته متأهباً للقتال .

 

  4- المدرسة الظاهرية البرانية: تقع بين المدرسة الكاملية وجامع الفردوس وتبعد حوالي (500) متر إلى الجنوب من باب المقام , وهي المثال الأكثر غنى لفن عمارة أيام الظاهر غازي , وقد تم إنجازها عام (1219), تمتاز المدرسة الظاهرية المخصصة للشافعية بزخرفة مدخلها الذي ينتهي في أعلاه بمقرنصات عريضة وجزء قبة يحيط بها إطار من الزخرفة ذات الخطوط المتداخلة الجميلة , ويتألف جناح القبلية من رواق ذي ثلاث قباب في وسطه محراب جميل فقد أحد عموديه, وقام وسط الجناح الشرقي للمدرسة إيوان عالي وفي جنوب الجناح الشرقي قامت غرفة بقبة أكبر من قباب القبلية ومجهزة بفتحة تهوية ,أما الجناح الغربي فقسمه الجنوبي مؤلف من ثلاث غرف مقببة امتازت بمقرنصات زواياها , بينما قام في قسمه الشمالي طابقان توزعت في العلوي غرف طلاب العلم على طرفي الممر وسط الغرف , وقام في وسط باحة المدرسة حوض مربع بزوايا مفصصة بينما امتازت أعمدة الرواقين الشمالي والجنوبي بتيجان رومانية الطراز لا زالت بقايا قطع الخشب المقاومة لتأثير الزلزال ظاهرة فيها ,

 

  5- مدرسة الفردوس: تقع إلى الجنوب الغربي من المدرسة الظاهرية وعلى بعد حوالي (300) متر,  وهي من أجمل مباني حلب الوقفية بنتها ضيفة خاتون زوجة الملك الظاهر غازي عام (1236) , وتعتبر من أكبر مدارس حلب شكل الباحة الداخلية مربع وقد زينت أرضيتها بالأشكال الهندسية الجميلة أحاطت الأعمدة من ثلاث جهات من الباحة وقد ازدانت بأحلى التيجان المزخرفة , وقامت وسط الباحة بركة ماء مثمنة أيوبية الطراز قام إلى شمالها إيوان وقد كان في أعلاه مئذنة مثمنة قصيرة تم نقلها مؤخراً ( 1958) إلى مكان أكثر ثباتاً يبعد عدة أمتار إلى الشمال الغربي من موقعها القديم , وهناك إيوان خارجي في الواجهة الشمالية مفتوح على الشارع بين مجموعتي بناء إلى, ومما يميز جامع الفردوس مدخله الذي ينتهي في أعلاه بنصف كرة وثلاث صفوف من المقرنصات الجميلة وهناك على جانب المدخل كتابة لآيات قرآنية , أما محرابها فيعتبر آية في الإبداع بتداخل خطوطه ورخامه وألوانه اللطيفة ,

 

        الخانات:

تتميز الأسواق في حلب بمداخلها المقنطرة و التي تعد الأطول في جميع الشرق الأوسط. و تقع الخانات الى شمال الساحة الواقعة أمام المسجد الأموي.

      و ماعدا الخانات هناك الأسواق المنفصلة : كسوق الملابس و العباءات النسائية و البهارات و غيرها....

   من أهم هذه الخانات:

 خان الحرير: يعتبر من أهم الخانات التي اشتهرت في حلب في العصرين المملوكي و العثماني و هو يقع في المنطقة التجارية بين الجامع الأموي و سبع بحرات. و سمي بهذا الاسم نسبة الى الهنود التجار الذين ينزلون فيه و معهم الحرير . و يعود بناءه الى النصف الثاني من القرن السادس عشر.

 خان الجمرك: بناه الوالي العثماني ابراهيم خان زاده محمد باشا عام 1574 و هو خان كبير يقع في منطقة الأسواق و له بوابة كبيرة غنية بالزخارف، كان مقراً للفرنسيين والإنكليز والهولنديين وهو من أجمل خانات حلب.

 خان الوزير: بني في العهد العثماني سنة 1683 و يعد من أشهر الخانات الحلبية و يقع بين القلعة و الجامع الأموي .

 خان الشونة: يقع بجوار قلعة حلب , و قد قامت وزارة السياحة باستثماره  كسوق للمهن و الحرف اليدوية التقليدية  في حلب إحياءً للتراث وحفاظا على ذاكرة المدينة.

     يحوي على 49 حرفة  و كل حرفة عن الأخرى فهناك مثلا حرفة الميزر الحلبي و الخيط الحلبي, الفخار و الزجاج .

       

قلعة حلب:

تعد من أضخم القلاع في العالم و يتم الصعود اليها بواسطة مدرج له بوابة مرتفعة في الوسط.

  يحيط بالقلعة إطار شبه دائري وعدد من الأبراج التي تعود لحضارات مختلفة، في داخل القلعة الشامخة نجد أمامنا مدينة متكاملة من مباني ومساجد وقاعات ومخازن وساحات ومسرح وحوانيت والكثير من الآثار، وقد عني بالقلعة في عهد السلطان الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين، فأقيمت البوابة الرئيسية وبعض المنشآت داخل القلعة. يتكون مدخل القلعة الأساسي من بناء ضخم مؤلف من أبواب ودهاليز وقاعات للدفاع والذخيرة، ومن ضمن الأبنية في أعلى هذا البناء قاعة كبيرة هي قاعة العرش التي زينت واجهتها بزخارف حجرية رائعة، هناك الكثير من المباني وغرف وقاعات وممرات وآثار كثيرة في داخل القلعة.‏ ‏في الأبراج نوافذ كثيرة مستطيلة منها الكبيرة والصغيرة تطل هذه النوافذ على أجمل منظر في حلب القديمة الشهيرة بأسواقها المسقوفة وحاراتها وكنائسها ومساجدها وبواباتها وبيوتها الأثرية.

 تعدّ قلعة حلب من أجمل وأبدع القلاع وأكبرها ولها تاريخ حافل بالأحداث فقد كانت منطلق وقاعدة للكثير من الحكام والملوك والقادة وشهدت أهم أحداث الشرق من عصر الآراميين مرورا بالعديد من الحضارات وحتى العصر الإسلامي.

 تقع قلعة حلب في وسط المدينة القديمة فوق تل على شكل جزع مخروط قاعدته السفلية أبعادها (550م*350م) وقاعدته العلوية التي تقبع عليها القلعة تبلغ( 375م *273م) ترتفع القلعة حوالي 50 متراً عن مستوى المدينة وهي محصنة بسور دائري وتحوي ستة أبراج تشرف على منحدر وعر بني فيه برجان يتصلان بالقلعة بواسطة السراديب وفي أسفله خندق يحيط بالتل من كل الجهات يبلغ عرضه حوالي 30م وعمقه حوالي 22م وكان سفح التل فيما مضى مكسواً ومرصوفاً بالحجارة الضخمة لكن لم يبقَ منه سوى القسم الملاصق للبوابة الرئيسية يميز القلعة مدخلها الرئيسي وهو عبارة عن جسر عريض مائل ذو درجات يتخطى الخندق ومحمول على سلسة من القناطر الحجرية عددها ثمانية في طرفه الخارجي برج صغير أما في الطرف الآخر من الجسر والملاصق للقلعة فيوجد برج كبير هو عبارة عن البوابة الرئيسية والتي تؤدي إلى داخل القلعة للقلعة سبعة أبواب مصفحة ومغطاة بالحديد كي تقاوم نيران وضربات المهاجمين.

 وداخل القلعة يوجد جامعان أقدمهما هو جامع إبراهيم الخليل والذي شيده نور الدين زنكي عام 1162 ميلادي فوق خرائب كنيسة بيزنطية أما الجامع الكبير فقد بناه الظاهر غازي بن صلاح الدين الأيوبي عام (1210) ميلادي ويحوي مئذنة مربعه ارتفاعها (20) متر في القسم الشمالي من القلعة وإلى الشرق من المسجد الكبير تقع ثكنة إبراهيم باشا التي شيدت من الحجارة المنتزعة من سفح التل.

  في وسط القلعة يقع القصر الملكي الذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن الثالث عشر الميلادي بالإضافة إلى حمام كبير مؤلف من عشر غرف تمر فيها أنابيب المياه الحارة والباردة وهي مصنوعة من الفخار ويوجد أيضاً صهاريج لحفظ الماء وعدة آبار يبلغ عمق بعضها (60) متراً وقد استخدمت هذه الآبار كسراديب خفيه. كما ويوجد داخل القلعة مجموعة من القاعات ذات استخدامات متعددة بعضها ذو طبيعة دفاعية كالتي تطل على المدخل الرئيسي وقاعة للعرش تعود إلى عهد المماليك (القرن الخامس عشر والسادس عشر) والقاعة الكبرى الموجودة تحت مستوى القلعة يتم الوصول إليها بواسطة درج وقد سميت (حبس الدم) كما يوجد قاعات أخرى كانت تستخدم كمستودعات  . لقد تعاقبت على حلب وقلعتها أحداث كثيرة ومرت بها أمم وشعوب مختلفة بسبب موقعها الهام كنقطة تلاقي القوافل المتنقلة من بلاد ما بين النهرين والبحر المتوسط في القرن السادس عشر قبل الميلاد ضمنها الحثيون إلى إمبراطوريتهم، احتلها تحوتمس الثالث في العام 1457 قبل الميلاد وضمت إلى آشور عام 738 قبل الميلاد. وقبل أن تصبح قلعة حلب قلعة محصنة كانت في عهد الاسكندر المقدوني عبارة عن معسكر لجنود أحد قادته أما في العصر الروماني والبيزنطي فقد كان للموقع أهمية كبيرة وأضيف إليها العديد من المنشآت.

    دخلها العرب المسلمون سنة (636) ميلادي وصارت مركزاً للدولة الحمدانية في نهاية القرن العاشر الميلادي فأولوا للقلعة اهتماماً كبيراً حيث بنوا السور والتحصينات فيها كما أجرى السلاجقة بعض الإصلاحات عليها، وفي عهد الزينكيين في القرن الثاني عشر الميلادي وعلى يد نور الدين زنكي جرى ترميم السور المتهدم.

   وفي عام 1183 ميلادي خضعت القلعة لصلاح الدين الأيوبي وعين ابنه الظاهر غازي والياً عليها حيث بلغت في عهده أوج ازدهارها واكتملت جميع منشآتها وتحصيناتها بعدها تعرضت القلعة للأضرار التي ألحقها بها هولاكو وجيشه المغولي في العام 1260 ميلادي.  

  رممت في نهاية العهد المملوكي وبداية العهد العثماني قبل أن تدخل في العزلة والإهمال حتى منتصف القرن العشرين.